مِصَحَّة خاصّة

 Une Clinique Privée

من مسرحية حسناء من كوالا لمبور

للكاتب عبد الله خمّار

 

تمهيد للنص:

نرى هذين المشهدين في مصحة الدكتور شاكر وهو صاحب المصحة وطبيب جراح مختص في جراحة العظام.

وفي مشهد سابق أقنع الدكتور شاكر السيد منظور  بأن العملية التي أجريت لوالدته في أحد مستشفيات الدولة غير ناجحة، واقترح إعادتها من جديد. ونرى الدكتورة  جابري تعترض على ذلك، كما نشاهد الدكتور شاكر يرفض إجراء عملية لطفل مريض قبل أن يدفع أهله الحساب:

المشهد الثاني

[تدخل الممرضة فضيلة وهي امرأة في أوائل الثلاثينات جميلة متوسطة الطول، حنطية البشرة عسلية العينين ترتدي مئزرا أخضر وتغطي شعرها بغطاء أخضر، وتظهر منه خصلة تحت الغطاء مصبوغة بالحناء. تحمل في يدها مظروفا كبيرا. تجد الدكتور شاكر ما يزال واقفا أمام لوحة الأشعة]

الممرضة: صورنا الطفل المريض وهذه صورة الأشعة.

د. شاكر[يضع الصورة على لوحة الأشعة وينظر إليها مليا]: أين هو؟

الممرضة: هنا بجانب الغرفة.

د. شاكر: أدخليه.

[تخرج الممرضة وتفتح الباب جيدا ثم تدخل الطفل المريض محمولا على محفة بعجلات، وهو يتأوه من الألم. تضع المحفة بقرب الأريكة الجلدية]

الممرضة: هل تريد أن ننقله إلى الأريكة؟

د. شاكر: لا. [يفحص بطنه]

الطفل المريض: آه بطني تؤلمني. أمي! أين أمي.

د. شاكر: اهدأ قليلا لأتم فحصك. خذوه إلى غرفة العمليات فورا.

[تتجه الممرضة بالمحفة إلى الباب]

د. شاكر[يلتفت ويواجهها على مسمع الطفل]: كانت هناك مشكلة في دفع الحساب. هل انتهت المشكلة؟

الممرضة: أهل الطفل تعهدوا بدفع الحساب بعد العملية فالمبلغ غير متوفر لديهم حاليا.

د. شاكر: أنا لا أستطيع تسيير المصحة بالتعهدات. ما الضمانة أنهم سيدفعون حين يشفى الطفل؟ وإذا مات فلن يدفعوا شيئا وسيحملوننا مسؤولية موته. لن أجري العملية إلا بعد دفع الحساب.[يعود إلى التدقيق في لوحة الأشعة. تخرج الممرضة وتدخل الدكتورة جابري وهي امرأة في أواسط الأربعينات، طويلة، سمراء، ترتدي مئزرا أخضر أنيقا وتغطي رأسها بغطاء من نفس اللون]

د. جابري[مستنكرة]: أخبرني السيد منظور أنك قررت إعادة العملية لوالدته.

د. شاكر[يلتفت إليها]: قولي صباح الخير.

د. جابري[بصورة آلية]: صباح الخير. أجبني عن سؤالي.

د. شاكر: نعم، لا بد من كسر العظم وجبره من جديد لأن الساق والركبة معوجتان. تعالي وانظري.

د. جابري[تقف معه أمام صورة الأشعة]: لقد فحصت الحالة جيدا. [تشير بإصبعها إلى عظم الفخذ في الصورة]: العظم سليم والعملية التي أجريت في مستشفى الدولة ناجحة جدا. ليس عظم الساق هو المعوج، العضلة هي المعوجة وتحتاج إلى إعادة تدريب.

د. شاكر[يطفئ نور لوحة الأشعة ويستند إلى مكتبه والاثنان يواجهان الجمهور]: أعرف ذلك. لكن من الأفضل إجراء العملية.

د. جابري: الأفضل لمن؟ للمريضة أم لميزانية المصحة؟

د. شاكر[بحزم]: أرجوك يادكتورة ألا تتدخلي فيما لا يعنيك. أنا أعرف ما أفعل.

د. جابري: لكن هذا الأمر يعنيني. أنا طبيبة وتهمني مصلحة المريضة.

د. شاكر: ومصلحة المِصَحَّة، ألا تهمك؟

د. جابري: طبعا تهمني فهي مصدر رزقي، لكن مصلحة المريضة أهم، فهي مُسِنَّة والعملية خطر على حياتها، وليس لها مبرر.

د. شاكر[بنفاد صبر]: لآخر مرة أرجوك ألا تتدخلي في عملي.

د. جابري[بتصميم]: بل سأتدخل وأفضحك عند السيد منظور.

د. شاكر[يبتسم بثقة]: لن يصدقك لأنه يثق بي ثقة عمياء.

د. جابري: سأرفع الأمر إلى النقابة.

د. شاكر: النقابة تدافع عن مصالح الطبيب.

د. جابري[بتأكيد]: إلا إذا تعارضت مع أخلاقيات المهنة.

د. شاكر[بثقة]: أنا متأكد أن النقابة ستقف بجانبي.

د. جابري: إذاً سأعلم الرأي العام بواسطة الصحافة.

د. شاكر: افعلي ما تشائين. تغير تعاملك معي لأنك بدأت تحسدينني على نجاحي ونجاح المصحة.

د. جابري: تغير تعاملي معك لأني اكتشفتك على حقيقتك. تختبئ وراء رداء الطبيب وأنت تاجر جشع لا يتورع عن فعل أي شيء من أجل المال.

د. شاكر: لن أقبل وجودك في المصحة بعد هذه الإهانة.

د. جابري: وأنا لن أبقى لحظة واحدة فيها.

 

المشهد الثالث

 

[تتجه الدكتورة جابري إلى الباب وقبل أن تخرج تدخل الممرضة فتتلكأ عند الباب وتتابع الحديث بين الدكتور شاكر والممرضة]

الممرضة: حالة الطفل خطيرة لا تحتمل أي تأخير وقد تنفجر الزائدة في بطنه في أية لحظة.

د. شاكر: نحن في مصحة باهظة التكاليف ولسنا في جمعية خيرية، ثم إن الناس يكذبون ويدعون الفقر وكلهم يملكون الحلي والذهب. قولي لهم أن يتركوا عند المحاسب العقود والخواتم التي يلبسونها ضمانة للدفع.

الممرضة: لم أرهم يضعون عقودا وخواتم.

د. شاكر[بانفعال]: فليأخذوا مريضهم إلى مستشفى الدولة. لماذا أتوا به إلى هنا؟ لن أجري العملية.[يخلع رداءه ويعلقه على المشجب ويرتدي السترة ويجلس وراء المكتب. تقف الممرضة مسمرة في مكانها لا تدري ما تفعل]

د. شاكر: مالك تقفين هكذا. اذهبي وأخبريهم أن يأخذوا مريضهم بعيدا من هنا.

د. جابري[تخاطب الممرضة بتصميم]: فضيلة! اسبقيني إلى غرفة العمليات. سأجري العملية بنفسي.

[تخرج الممرضة]

د. شاكر: أمنعك من ذلك فهذه مصحتي وأنا الذي أقرر.

د. جابري: حاول أن تمنعني بالقوة وسأذهب مباشرة إلى النائب العام لأقدم بلاغا بأنك امتنعت عن إسعاف مريض في حالة خطرة.

[تخرج الدكتورة بينما يضرب الدكتور شاكر على الطاولة بغضب عدة مرات. تطفأ الأنوار]

الأسئلة:

1- كيف تعامل الدكتور شاكر مع الطفل المريض عند فحصه؟ وكيف يجب أن يتعامل الطبيب مع الطفل؟

2- ما الشرط الذي وضعه لإجراء العملية؟

3- لماذا احتجت الدكتورة جابري على إعادة إجراء العملية لوالدة السيد منظور؟ وماذا كانت حجة الدكتور شاكر؟

4- بماذا هددته؟ وبمَ أجاب؟

5- لماذا رفض الدكتور شاكر إجراء العملية للطفل رغم حالته الخطيرة؟

6- ماذا كان رد فعل الدكتورة جابري على سلوكه؟

7-  لماذا لم يستطع منعها بالقوة من إجراء العملية؟

8- قيّمْ سلوك كل من الطبيبين وأيهما يستحق لقب الطبيب الإنسان وأيهما يستحق لقب التاجر الجشع مستشهدا بما ورد في المشهدين؟

9- المصحات الخاصة أنواع، هناك مصحات هدفها النهوض بالصحة العامة، وهناك مصحات هدفها الربح السريع. بيّن أهداف المصحات الخاصة في بلدك وبين مزاياها وعيوبها.

 

لقراءة الفصل الثالث، انقر هنا: الفصل الثالث

للاطلاع على فصول المسرحية، انقر هنا: حسناء من كوالا لمبور

للاطلاع على المسرحيات الأخرى للكاتب انقر هنا: المسرحيّات